plusresetminus
تاريخ النشرTuesday 22 November 2022 - 11:59
رقم : 28386

منمنمات السجاد الإيراني"أيقونة الصناعة اليدوية في العالم"

لا يمكن مغادرة إيران دون الحديث عن أهمية حرفة حياكة السجاد الإيراني وصناعته ، وهي التي ترمز إلى تاريخ وعراقةٍ وجمال، وتشكّل أحد أهم روافد الاقتصاد رغم العقوبات الأميركية.
منمنمات السجاد الإيراني"أيقونة الصناعة اليدوية في العالم"
حبكة حبكة، غرزة غرزة، أو "كوك كوك" كما تلفظ في اللغة الفارسية، وها نحن في عالم السجاد الساحر بنمنماته وحذافير حبكاته.

يكاد لا يخلو سوق في طهران من وجود أماكن لحياكة وبيع السجّاد الإيراني الذائع الصيت عالمياً، فهذه الحرفة التلقيدية تشكّل وجهاً من وجوه التراث الإيراني السحيق، ولكن هل تعلمون أنه عندما يكون هناك 100 غرزة في السنتيمتر المربع ستكون سجادتك فخمة جداً؟

وفي المجتمع الإيراني المتعدد هناك بيتان من كل 10 بيوت يعملان في صناعة السجّاد الجميل، وهذه السجادة البديعة قد تكون من الحرير أو الصوف أو تشكّل خليطاً منهما، وفي هذه الحالة فإن صوف صغار "الطلي" (الخروف الذكر من الغنم الصغير السن) هو الأفضل والأغلى.

والجميل هنا أن أصباغ السجاد بمعظمها طبيعية وبألوان الفواكة والخضار .

فنّ ممزوج بالصناعة

يقول صانع و بائع السجاد اليدوي في طهران‎ كوروش اذرخش للميادين نت إن صناعة السجاد في إيران لا تمثّل صناعة فقط فهي فن تقليدي قديم للشعب الإيراني، فن ممزوج بالصناعة، ويعود إلى أكثر من 2500 سنة".

ويضيف أنه " تطور بعدة مراحل عبر التاريخ وفي السنوات السابقة كانت صناعة السجاد تفوق مدخولاتها صادرات النفط، وهي واجهة الصناعات اليدوية، وهي تمثل أيقونة الصناعة اليدوية في العالم".

"السجاد اليدوي الإيراني معروف لدى كل شعوب العالم في دقة حياكته وجماله، ويمكن أن نقول أن السجاد اليدوي يمثل علَم الصناعات الإيرانية اليدوية على مستوى العالم "، يوضح اذرخش.

ولعل أهم دليل على قِدَم صناعة السّجاد في هذه البلاد، سجادةُ بازيريك، المصنوعة يدوياً، والّتي تمّ اكتشافها عام 1949، في المرحلة الثانية من الحفريات الأثرية الروسية، رودينكو، في منطقة بازيريك(Pazyryk) في سيبيريا. ويعود تاريخ صناعتها إلى القرن الرابع قبل الميلاد، وهي محفوظة إلى يومنا هذا في متحف "هيرميتاج"، في مدينة سان بطرسبرغ في روسيا.

أرقام هامة

يذكر أن هذا الفن عاصر هذه البلاد في كلّ مراحله التاريخية، ويقدّر عدد النسّاجين فى إيران بـأكثر من 1.2 مليون نسّاج ينتجون السجاد للسوق المحلية والعالمية.

وبالأرقام أيضاً، تصدّر إيران السجاد اليدوي لنحو 100 دولة حول العالم، وهو يعد من أهم صادرات إيران غير النفطية.

وتعتبر إيران أكبر مصدّر للسجاد عالمياً، وتبلغ صادراتها للسجاد اليدوي نحو 30% من السوق العالمي، وهي تنتج حوالى 5 ملايين متر مربع من السجاد سنوياً ويباع أكثر من 80% من هذا الانتاج في السوق العالمي.

يسهب النسّاج الإيراني في الشرح فيكشف أن "صناعة السجاد اليدوي ترتبط بأكثر من 50 صناعة جانبية أي صناعات داعمة لصناعة السجاد اليدوي بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، فالكل يظن أنّ حائك السجاد هو الذي يقوم بالعمل الأساسي فقط، ولكن الحقيقة أنّ هناك من يصنع الإطار الذي تحاك فيه السجادة، وهناك فنان آخر يعدّ الخيوط الأساسية لتمثّل الأرضية للحياكة، وهناك مجموعة أخرى تقوم بإعداد الألوان، وطبعاً صناعتها هذه هي أيضاً صناعة تقليدية ولديها أسرارها وفنونها باستخدام المواد الطبيعية التي تجعل الألوان زاهية".

من صميم التاريخ... إلى السياسة

ويضيف "نصل في المرحلة الأخيرة إلى حائك السجاد، وطبعاً فهو يعد منفّذ الأطروحة والنقوش التي ترسم من قبل فنانين اختصاصين يقومون برسم وإعداد هذه النقوش، وهناك أيضاً فنان أو حرفي يقوم بتهيئة السجاد وإعداده للمرحلة النهائية.

وطبعاً التهيئة النهائية تضم 4 أو 5 مراحل هي إعداد الحواشي، خياطة الجلد في أطراف السجادة، قص الخيوط الإضافية، وتعشيق الألوان، وصولاً إلى المرحلة النهائية وهي التسويق".

لا يقتصر دور تصنيع السّجاد في كونه تعبيراً عن الحضارة الفارسية العريقة للبلاد فقط، ولا في اعتباره مساهماً فعّالاً في الاقتصاد الإيراني فحسب، بل، أيضاً، باتت صناعته تُستخدم لإيصال رسائل سياسية.

يذكر أن الشهرة العالمية الكبيرة للسجاد اليدوي الإيراني، وانتشاره الواسع دُولياً، دفعا واشنطن إلى منع تصديره إلى الولايات المتحدة، وذلك ضمن سلسلة العقوبات الّتي عادت وفرضتها واشنطن على إيران (عام 2018)، بحيث كانت نسبة صادرات السّجاد الإيراني إلى الولايات المتحدة وحدها، تبلغ نحو 30% من إجمالي قيمة صادرات السجاد إلى كل دول العالم.

وعلى الرغم من العقوبات الأميركية، فإن هناك سجّادة إيرانيّة حاكها أشهر صنّاع السّجاد اليدوي في أصفهان، محمد صيرافيان، وهي معلّقة على أحد الجدران داخل مقرّ الأمم المتّحدة في مدينة نيويورك، وفي داخلها نقش شعر "بني آدم" لأحد أهم شعراء إيران، سعدي الشيرازي.

بتقنية "النانو"... سجاد مضاد للبكتيريا

وما يستحق التنويه، أن خبراء تقنیون إيرانيون نجحوا في إحدی الشرکات الإيرانية النشطة فی مجال حیاکة السجاد بواسطة المکائن الآلیة، في تصدیر منتجاتهم إلی بعض الدول الأوروبیة والآسیویة، من خلال جعل هذه المنتجات مضادة للبکتیریا.

ووفّقت إحدى شرکات التکنولوجیا الإيرانية في إنتاج أنواع مختلفة من خیوط البولیستر المضادة للبکتیریا، یتم استخدامها في صناعة المنسوجات وحیاکة السجاد المضاد للبکتیریا آلياً باستخدام تقنیة "النانو".

انتهی/*
0
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني